ما هو معنى “ثم استوى على العرش”؟ – التصوف 24/7

يخبرنا القرآن العظيم بأن اللهَ تعالى استوى على العرش وذلك من بعد إتمامه خلق السموات والأرض في ستة أيام (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (من 4 السجدة). فما الذي يعنيه استواءُ الله تعالى على العرش؟ بدايةً لابد من أن نستذكر ما سبق لي وأن طرحتُهُ في العديد من منشوراتِ هذه الصفحة مما هو ذو صلةٍ بالتواجد الإلهي في هذا الكون وبالوجود الإلهي خارجه. فهذا الكون ما كان له أن ينبثق إلى الوجود، ولا أن يُكتَب له أن يبقى إلى أجلٍ مسمى، لولا أن اللهَ تعالى تدخَّل تدخلاً مباشراً في نشأته، ولولا أنه تعالى استوى على العرش من بعد اكتمال خلْق موجوداته. فأيام الخلْق الستة هذه هي كلُّ ما اقتضاه الأمرُ من تواجدٍ إلهيٍ مكثف حتى يكتمل خلقُ الكون بموجوداته. ولم يكن لهذا التواجد الإلهي المكثف أن يستمر على ما هو عليه من شديد كثافةٍ كانت لتمحق كلَّ ما تم خلقُه لولا أن اللهَ تعالى استوى على العرش فكان أن أصبح التواجد الإلهي في عموم أرجاء الكون ذا كثافةٍ تكفل له ولموجوداته ألا تتلاشى وتزول. معنى ثم استوى على العرب العرب. وبذلك يتبيَّن لنا أن استواء الله تعالى على العرش كان أمراً لابد منه حتى يُكتب للكون وموجوداته أن تبقى إلى حين، وإلا فإن التواجد الإلهي بنفس القدر من الكثافة كان ليجعل من كلِّ شيء ينهارُ ويزول ويتلاشى.

تفسير قوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ) . - الإسلام سؤال وجواب

أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبيَّ ج قال: « سُبحان الله زِنةَ عرشه « [8]. قال شيخ الإسلام: «فهذا يُبيِّن أنّ زِنة العرش أثقل الأوزان «. قد استدلّ بعض أهل العلم على أنّ العرشَ مُقبَّب، يعني كهيئة القُبّة، والحُجّة في ذلك ما رواه أبو داود وغيرُه أنّ النبيَّ ج قال: « إنّ عرشَه على سماواته لهكذا « وقال بأصابعه مثل القبّة [9] ثم إنّ أقوامًا قد ضلّوا فيما يتعلق بعرش الرحمن تعالى، وحرَّفوا الكلم عن مواضعه، فزعم بعضهم أنّ العرش فلَك مستدير، سمَّاه بعضهم: الفلك الأطلس! وسمَّاه آخرون: الفلك التاسع. وزعم آخرون أنّ المراد بعرش الله تعالى: ملك الله، وليس هناك عرشٌ حقيقيّ! وهذه أقوالٌ مخالفة لكتاب الله تعالى ولسُنّة رسوله ج ولإجماع أهل السنّة. وممَّا يدُلّ على بطلان تلك الأقوال: ما ثبت في النصوص وقرَّره أهل السنّة في معتقَدهم من أنّ العرش عرشٌ حقيقيّ له صفات معلومة، فهو عرشٌ عظيم مجيد، بهيّ المنظَر، حسن الشكل، كهيئة القُبّة، له قوائم، تحمله ملائكة عظام ما بين شحمة أذُن أحدِهم وعاتقه مسيرة سبعمائة عام، وهذا العرش العظيم سقف المخلوقات وأثقل الموزونات. تفسير قوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ) . - الإسلام سؤال وجواب. وثمرات الإيمان بالعرش كثيرة ، فمن ذلك: التصديق بما أخبر الله تعالى به، وبما أخبر عنه رسوله ج.

يخبر الله تعالى أنه سبحانه خلق الأرض في يومين ، ثم (جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها) في تمام أربعة أيام ، أي في يومين آخرين ، ثم استغرق خلق السموات السبع يومين ، فكان المجموع ستة أيام من أيام الله. انظر السؤال رقم: ( 31865). وقوله عز وجل: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) أي: قصد إلى خلقها. قال السعدي رحمه الله: " ثُمَّ بعد أن خلق الأرض اسْتَوَى إلى السماء ، أي: قصد إِلَى خلق السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ، قد ثار على وجه الماء " انتهى من " تفسير السعدي " (ص 745). وقال ابن عثيمين رحمه الله: " قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) لأهل السنة في تفسيرها قولان: أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء ، وهو الذي رجحه ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف: "وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ). علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سموات". ا. هـ. وذكره البغوي في تفسيره: عن ابن عباس وأكثر مفسري السلف. وذلك تمسكا بظاهر لفظ استوى. وتفويضا لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله عز وجل. القول الثاني: أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة، والبغوي في تفسير سورة فصلت.

May 14, 2024, 3:37 am